/ الفَائِدَةُ : (141 ) /
20/07/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / الإِعجاز الْعِلْمِيُّ في أَدعية أَهْل الْبَيْتِ عليهم السلام تحدِّي عِلْمِيّ لساحة البشر الْمَعْرِفِيَّة / إِنَّ هناك تَحَدٍّ عِلْمِيّ وَ مَعْرِفِيّ مطروح في أَرْوِقَة السَّاحة الْعِلْمِيَّةِ البشريَّة في هذا العصر ، بل علىٰ مرِّ الدُّهور والأَزمان يَجْدُرُ الْاِطِّلَاع عليه وصرف النظر إِليه ، حاصله : أَنَّ مَنْ يُرسل الآن الصَّحيفة السَّجَّاديَّة وغيرها من سائر أَدعية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ إِلى أَيِّ محفلٍ وأَيِّ مُختبرٍ عِلْمِيٍّ مُتخصِّص في علوم الرُّوح والمعنیٰ ؛ وإِلى المدارس البشريَّة المُتخصِّصة في تربية الرُّوح فسيجد : أَنَّ هذه الصُّروح الْعِلْمِيَّة وَالْمَعْرِفِيَّة البشريَّة ليست لها القدرة والْمُكْنَة من الوصول إِلى ضِفَاف منظومة وقدرة وكفاءة وكمال ونظام الصَّحيفة السَّجَّاديَّة وسائر أَدعية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وليست لها القدرة والْمُكْنَة أَيضاً من الوصول إِلى شواطئ قدراتها وكفاءاتها وكمالاتها وأَنظمتها ونظمها ؛ وبالطَّرْحِ الموجود فيها . وهذا تَحَدٍّ عِلْمِيّ ؛ ومعاجز مشهودة ومطروقة علىٰ طاولة السَّاحة الْعِلْمِيَّةِ وَالْمَعْرِفِيَّة البشريَّة عبر جملة الدُّهُور والأَزمان ؛ فلیأت مَنْ يدَّعي خلاف ذلك بمنظومةٍ كاملةٍ ، بل بدعاءٍ فاردٍ ، بل بمقطعٍ واحدٍ ولو كان صغيراً في بناء وتوازن الرُّوح غیر مسروقٍ من بيانات هذه الصَّحيفة الشَّريفة وسائر بيانات أَدعية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ؛ وليعرضه للتقييم أَمام أَصحاب النقد الْعِلْمِيّ وَالْمَعْرِفِيّ والْعَقْلِيّ واللُّغَوِيّ . وإِلى هذا المعنىٰ أَشارت بيانات الوحي ، منها : بيان دعاء النُّدْبَة كصفةٍ ثابتةٍ لمولانا الحُجَّة ابن الحسن وسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : «... يابنَ العُلُوم الكاملة، يابنَ السُّنَنِ المَشْهُورَةِ، يابنَ المَعَالِمِ المَأْثُورَةِ، يابنَ المُعْجِزَاتِ المَوجُودَةِ، يابن الدَّلَائِلِ المَشْهُودَة (المُشْهُورَةِ) ...» (1) . وهذا التَّحَدِّي هو عين التَّحَدِّي الَّذي خطَّه وضربه الباري عَزَّ وَجَلَّ للمخالفين والمُشكِّكين بوحي القرآن الكريم ؛ لأَنَّهما يرتضعان مِنْ ثدي واحد . فانظر : بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان قوله جلَّ قوله : [قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ] (2) . ثانياً : بيان قوله عزَّ قوله : [أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ * أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ* فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ] (3) . ثالثاً : بيان قوله عزَّ من قائل : [أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ] (4) . رابعاً : بيان قوله تبارك اسمه : [وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ* أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ] (5) . خامساً : بيان قوله تبارك وتعالىٰ : [وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ] (6) . ودلالة الجميع واضحة . ونُكْتَة الوحدة بين بيانات القرآن الكريم وبيانات أَدعية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وسائر بياناتهم واضحة ، فإِنَّ كُلّاً منها وحي إِلٰهيّ . فلاحظ : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بیان سيِّد الأَنبياء منضماً إِليه بيان أَمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وعلىٰ آلهما) : « ... ولقد سَمِعْتُ رَنَّة الشَّيطان حين نَزَلَ الوحيُ عليه صلى الله عليه واله ، فقُلتُ : يا رسول الله ، ما هذه الرَّنَّةُ ؟ فقال : هذا الشَّيطانُ قد أَيسَ من عبادته ، إِنَّكَ تَسْمَعُ ما أَسمَعُ وَتَرَىٰ مَا أَرَىٰ ، إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ، ولكنَّكَ وزيرٌ ، وإِنَّكَ لَعَلَىٰ خَيرٍ...» (7) . 2ـ بيان الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « كان عَلِيٌّ عليه السلام يعمل بكتاب الله وسنَّة نبيّه ، فإِذا ورد عليه الشي الحادث الَّذي ليس في الكتاب ولا في السُّنَّة أَلهمه الله تعالىٰ الحقّ إِلهاماً ؛ وذلك والله من المعضلات » (8). 3ـ بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن عَلِيّ بن عبد العزيز ، عن أَبيه ، قال : « قلتُ لأَبي عبدالله عليه السلام : جعلتُ فداك ، إِنَّ النَّاس يزعمون أَنَّ رسول الله صلى الله عليه واله وجَّهَ عَلِيّاً عليه السلام إِلى اليمن ليقضي بينهم ، فقال عَلِيٌّ عليه السلام : فما وردت عَلَيَّ قضيَّة إِلَّا حكمتُ فيها بحكم الله وحكم رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال : صدقوا . قلت : وكيف ذاك ، ولم يكن أُنزل القرآن كُلّه ؟ وقد كان رسول الله صلى الله عليه واله غائباً عنه ؟ قال : تتلقَّاه به روح القدس »(9) . 4ـ بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : « إِنَّ للّٰـه عموداً من نورٍ ، حجبه الله عن جميع الخلائق ، طرفه عند الله ، وطرفه الآخر في أُذن الإِمام ، فإذا أَراد الله شيئاً أَوحاه في أُذن الإِمام صلَّىٰ الله عليه »(10) . 5ـ بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : «... والله ما نقول بأَهوائنا ، ولا نقول برأينا ، ولا نقول إِلَّا ما قال ربّنا »(11) . ودلالة الجميع واضحة . نعم ، هناك فارق بينهما ، حاصله : أَنَّ وحي القرآن الكريم وحي نبوَّة وبواسطة جبرئيل عليه السلام ، بخلاف وحي بيانات أَهل البيت عليهم السلام ؛ فإِنَّه وحي إِمامة إِلٰهيَّة ووحي علم لدُنِّي ومن دون واسطة . فانظر: بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن صالح بن سهل ، قال : « كُنتُ جالساً عنده فقال لي ابتداءً منه : يا صالح بن سهل ، إِنَّ الله جعل بينه وبين الرسول رسولاً ، ولم يجعل بينه وبين الإِمام رسولاً ، قال : قلتُ : وكيف ذاك ؟ قال : جعل بينه وبين الإِمام عموداً من نور ينظر الله به إِلى الإِمام ، وینظر الإِمام به إِليه ؛ فإِذا أَراد علم شي نظر في ذلك النُّور فعرفه»(12) . ودلالته واضحة . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 99: 1-4ـ 110. مصباح الزائر: 230ـ 234. المزار الكبير: 190ـ 194. (2) الإِسراء: 88. (3) الطور: 32ـ 34. (4) هود: 13. (5) يونس: 37ـ 38 . (6) البقرة: 23 . (7) نهج البلاغة، خ192: 329. (8) بصائر الدرجات، 1: 456/ح856 ـ2. (9) بحار الأَنوار، 25: 57/ح23. بصائر الدرجات، 2: 362/ ح1602ـ 10. مختصر البصائر: 46/ح2ـ 2. (10) بصائر الدرجات، 2: 340/ح1570ـ 1. (11) بحار الأَنوار، 2: 173/ح5. (12) الحجر: 9. (12) بحار الأَنوار، 26: 134ـ 135/ح10. بصائر الدرجات، 2: 340/ ح1571ـ 2. مختصر البصائر: 128